شهادة أممية أمام مجلس الأمن: غزة على حافة المجاعة والضفة تغرق في العنف
شهادة أممية أمام مجلس الأمن: غزة على حافة المجاعة والضفة تغرق في العنف
أمام مجلس الأمن الدولي، أطلق مسؤولون رفيعو المستوى في الأمم المتحدة، الأربعاء، جرس إنذار بشأن الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، مؤكدين أن الأوضاع الإنسانية والسياسية تتدهور إلى مستويات غير مسبوقة في التاريخ الحديث، في حين تغرق غزة في مجاعة صنعها الصراع المسلح وتواصل الضفة الغربية النزف تحت وطأة الاستيطان والعنف.
غزة تحت الحصار والمجاعة
رامز الأكبروف، نائب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، قال في إحاطة من القدس إن قطاع غزة بعد نحو عامين من القتال يعيش وضعا كارثيا متفاقما، مع ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين والنزوح الجماعي، وصولا إلى المجاعة التي تهدد حياة مئات الآلاف، وأشار إلى أن القصف الإسرائيلي يطال المخيمات والمدارس والمستشفيات والمساكن، في حين يستمر استهداف الصحفيين، حيث قُتل أكثر من 240 صحفيا منذ اندلاع الحرب وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وأوضح الأكبروف أنه التقى بعمال إغاثة يخاطرون بحياتهم لتوصيل المساعدات في وقت يعيشون هم أنفسهم في ظروف لا تُطاق، لافتا إلى أن الإجراءات الحالية غير كافية لمواجهة حجم الكارثة.
معاناة الرهائن وغياب الأفق السياسي
تطرق الأكبروف أيضا إلى قضية الرهائن المحتجزين لدى حماس وفصائل أخرى في قطاع غزة، مشيرا إلى أن خمسين شخصا ما زالوا في الأسر، يُعتقد أن 28 منهم لقوا حتفهم، ووصف الأوضاع التي يعيشها الرهائن بأنها "انتهاك صارخ للقانون الدولي"، مطالبا بمعاملتهم بكرامة والسماح بزيارات اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وفي الوقت نفسه، أكد المسؤول الأممي أن غياب الأفق السياسي يفاقم الأزمة، داعيا إلى إعادة الالتزام بعملية سلام تنهي الاحتلال وتعيد إحياء حل الدولتين.
الضفة الغربية تحت الضغط
الوضع في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، ليس أقل خطورة، وحذر الأكبروف من التوسع الاستيطاني المستمر وأعمال الهدم والعنف، ما يهدد بتقويض أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية، وأوضح أن أكثر من 32 ألف شخص ما زالوا مشردين نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدن الشمال ومخيمات اللاجئين.
مجاعة بفعل الصراع
جويس مسويا، مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية، قدمت بدورها صورة قاتمة عن الأزمة في غزة، وقالت إن أكثر من نصف مليون إنسان يواجهون الجوع الشديد حاليا، وقد يرتفع العدد إلى 640 ألفا مع نهاية سبتمبر، وأوضحت أن 132 ألف طفل دون الخامسة معرضون لسوء تغذية حاد قد يودي بحياة عشرات الآلاف منهم، إلى جانب معاناة عشرات الآلاف من النساء الحوامل والمرضعات.
وأكدت مسويا أن المجاعة لم تنجم عن كارثة طبيعية، بل عن صراع دموي حرم الناس من الغذاء والماء والخدمات الأساسية، ورغم إدخال بعض المساعدات في الأسابيع الأخيرة، فإن الاحتياجات الإنسانية الهائلة تتجاوز بكثير ما يتم توفيره حاليا.
دعوة لإنهاء الصراع ورفع القيود
في ختام الجلسة، شدد مسؤولو الأمم المتحدة على أن استمرار الوضع الحالي سيقود إلى عواقب لا يمكن إصلاحها، وطالبوا بوقف فوري ودائم لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن دون شروط، وحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات بشكل آمن وعاجل عبر جميع المعابر، إضافة إلى رفع القيود على الإمدادات التجارية.
منذ السابع من أكتوبر عام 2023، اندلعت الحرب في غزة إثر هجوم مفاجئ شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل وأسر المئات، وردّت إسرائيل بحملة عسكرية واسعة شملت قصفاً مكثفاً وحصاراً خانقاً على القطاع، ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد مئات الآلاف الآخرين، في الوقت نفسه، تصاعد العنف في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مع استمرار عمليات الاستيطان والاقتحامات العسكرية، وتعد هذه التطورات الأخطر في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ عقود، في ظل غياب أفق سياسي واقعي يفضي إلى حل الدولتين الذي طالما دعت إليه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.